الخميس، 1 أغسطس 2013

إمبراطورية الجيش الاقتصادية



  إمبراطورية الجيش الاقتصادية. وسبب تمسّك القوات المسلحة دائماً بالسلطه

الجيش يتصرف وكأنه دولة داخل الدولة ويقف في وجه أي انفتاح اقتصادي يقترب من مشاريعه.. ولا أحد يعرف من يحصد الأرباح

الجيش بنى مدينة ريا
ضية كاملة في أقل من عامين وزين طرقاتها بشعار “الجيش والشعب إيد واحدة”.. ويقع في وسطها إستاد 30 يونيو

حجم الصناعات التي يمتلكها الجيش تقدر بنحو 8 إلى 40 بالمائة من إجمالي الناتج القومي المصري


نشرت “بي بي سي” تقريرا عما وصفته بالإمبراطورية الاقتصادية الضخمة التي يتحكم فيها الجيش المصري، وبدأ مجدي عبد الهادي محلل شؤون الشرق الأوسط بالحديث عن المدينة الرياضية المتكاملة التي تقع في شرق القاهرة ويقع في القلب منها إستاد الثلاثين من يونيو، وقد أقيم هذا المنتجع بجميع مرافقه في أقل من عامين.

وتطرق التحليل إلى مدى نفوذ العسكر الاقتصادي داخل البلاد وشعبيتهم بالنسبة إلى المجتمع بشكل عام وميدان التحرير بشكل خاص، واعتبر الباحث أن تلك “الامبراطورية الاقتصادية” تشكل ما يعرف بدولة داخل الدولة، وتطرق التحليل كذلك إلى المؤسسات والقطاعات التي يرأسها ضباط الجيش المتقاعدون، وهذا نص التحليل المنشور في البي بي سي. ”انتهى الجيش المصري مؤخرا من بناء مدينة رياضية متكاملة في منطقة القاهرة الجديدة بشرق العاصمة المصرية القاهرة، حيث تحولت إلى منتجع فاره باكتمال بناء فندق وتصميم طرق للتنقل بداخلها شبيهة بالطرق السريعة ذات الخمس مسارات.

وفي الطريق المؤدي إلى هذا المجمع تم بناء جسر علوي ونفق للتغلب على أي تكدس مروري محتمل قد يعطل وصول رواد المنتجع في ضاحية القاهرة الجديدة التي يقطنها الأثرياء وأصحاب النفوذ، وكذلك أعضاء من المجلس العسكري الحاكم، حيث يمتلك هؤلاء جميعا منازل فاخرة.

ويقع في قلب هذا المنتجع إستاد يسمى “الثلاثين من يونيو” وهو الموعد الذي من المفترض أن يسلم فيه الجيش المصري السلطة لرئيس مدني للبلاد، وزُينت الطرق المؤدية إليه لافتات كتب عليها “الجيش والشعب يد واحدة”، وهو الشعار الذي كان سائدا ذات يوم في ذروة أيام الثورة التي أطاحت بالرئيس السابق مبارك العام الماضي.

وقد أقيم هذا المنتجع بجميع مرافقه في أقل من عامين، وهو ما يعتبره كثيرون شهادة على قدرة الجيش على إنجاز الأمور بسرعة وفعالية.
مشاريع “غير معلنة”

والشائع على نطاق واسع في مصر، هو أن الجميع يقول إن الجيش يقوم بهذه المشاريع لصالح البلاد.

وقد لا يحظى العسكريون بشعبية في ميدان التحرير، ولكن شعبيتهم في المجتمع بشكل عام لا تزال مرتفعة، وقد يرجع ذلك جزئيا إلى مشاريع البنية التحتية التي قاموا بها، ولكن يرجع الأمر في الغالب إلى عشرات السنين من الدعاية الرسمية له.

لكن لا أحد يعرف كيف يؤخذ قرار على سبيل المثال بتحويل ثكنة عسكرية إلى مشروع استثماري ضخم، أو كم تكلف بنائه، أو من الذي سيحصد الأرباح.

كل ذلك يصنف ضمن الأمور السرية، والمعلومات التي يصر كبار المسئولين في مصر على إخفائها عن الرأي العام في ظل أي حكومة مقبلة، وهذا هو حال العديد من المشاريع التي يبنيها ويديرها الجيش من خلال إمبراطورية ضخمة للأعمال التجارية التي تتضمن تصنيع السلع الاستهلاكية والمواد الغذائية والمياه المعدنية، ومواد البناء، والتعدين، واستصلاح الأراضي، وحتى الأنشطة السياحية.
دولة داخل دولة

ومع تزايد الجدل حول دور الجيش في مصر ما بعد مبارك، قال اللواء محمود نصر، مساعد وزير الدفاع للشؤون المالية في مؤتمر صحفي بالقاهرة العام الماضي إن الجيش لن يسلم أبدا هذه المشروعات لأي سلطة أخرى مهما كانت، وأضاف أن هذه المشروعات ليست من الأصول التي تمتلكها الدولة ولكنها “إيرادات من عرق وزارة الدفاع والمشاريع الخاصة بها”.

وفي نفس الفترة تقريبا، أعلن الجيش أنه حان الوقت ليقوم بإنقاذ وزارة المالية من خلال تقديم قرض للدولة بمبلغ كبير من المال لدعم خزائنها التي كانت تعاني من عجز شديد”، وهذا يلخص كيف يتصرف الجيش وكأنه دولة داخل الدولة.

وتختلف التقديرات بشأن حجم الصناعات التي يمتلكها الجيش، إلا أن البعض يقدرها بنحو 8 في المئة إلى 40 في المئة من إجمالي الناتج القومي المصري
مخلفات

ويأتي غالبية المحافظين في مصر من ضباط الجيش المتقاعدين، كما يقوم بتشغيل العديد من المؤسسات المدنية والمؤسسات الكبيرة في القطاع العام بالدولة لواءات بالجيش أحيلوا إلى التقاعد، كما يرأس ضباط متقاعدون أهم ثلاث قطاعات تنموية في الدولة وهي الزراعة والتوسع الحضري والسياحة.

ويحصل هؤلاء إضافة إلى معاشاتهم من القوات المسلحة، على رواتب مجزية وامتيازات أخرى كثيرة مرتبطة بوظائفهم المدنية.

وقالت إحدى الخبيرات التي زارت مؤخرا مجمعا صناعيا عسكري ينتج بضائع استهلاكية للمدنيين “شعرنا لدى وصولنا كما لو أننا قد غادرنا قاهرة القرن الواحد والعشرين بما فيه من مظاهر الازدحام في جميع الأسواق التجارية والعولمة إلى قاهرة عصر عبد الناصر في منتصف القرن الماضي”.

كان ذلك هو الوقت الذي تتطلع فيه القاهرة إلى الاشتراكية على النمط السوفيتي السابق، حيث كان من المفترض أن يكون القطاع العام بالدولة هو المسئول عن مشاريع البنية التحتية الضخمة وأن يقود عمليات التحديث والتصنيع للدولة.

هذا النوع من “الاشتراكية” أو كما يمكن أن نسميه “رأسمالية الدولة” كمصطلح أكثر دقة، لا يزال يتمتع بشعبية داخل مصر، وخاصة بين القوميين والناصريين، والذين جاء مرشحهم حمدين صباحي في المركز الثالث في الانتخابات الرئاسية.
إن أية محاولة للانفتاح الاقتصادي، أو القيام بعمليات خصخصة لإمبراطورية الاقتصاد التي يديرها الجيش ستواجه مقاومة شرسة ليس فقط من جانب قادة الجيش، ولكن أيضا من الحلفاء الأقوياء داخل الأجهزة البيروقراطية للدولة، وكذلك الأشخاص الذين يستفيدون جيدا من الوضع الراهن والذين يكونون بطبيعتهم معادون للتغيير”.