كاتب إسرائيلي: مبارك أفاد إسرائيل.. والحرب ستندلع أوائل 2012

نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

مِن المعلوم للجميع أن الشغل الشاغل حالياً لجميع المسئولين والمختصين في إسرائيل؛ هو متابعة كل ما يحدث في مصر من تطوّرات أعقبت سقوط مبارك، ومِن المؤكّد بالطبع أن إسرائيل تتابع هذه التطوّرات بقلق بالغ؛ خشية على وضعها ومصالحها في المنطقة، خاصة أن مبارك كان -على حد وصف الإسرائيليين- رُمانة الميزان بالنسبة لدولتهم واستقرارها وبقائها في المنطقة، لذلك نجد أن الإسرائيليين يروْن حالياً أنه بسقوط مبارك ونظامه، يكونون قد خسروا كنزاً استراتيجياً مهماً جداً بالنسبة لهم.

وفي هذا الإطار انتشرت في الصحف ووسائل الإعلام والمواقع الإلكترونية العبرية العديد من التحليلات والمقالات التي تتحدَّث بهذا الشأن؛ كان من أهمها ما كتبه الدكتور يوسف تمان في مدوّنته الإلكترونية، والذي ننقله لكم لمعرفة كيف ينظر الإسرائيليون إلى ثورتنا، وما يدور في عقولهم بشأنها، وكيف يقرأون تداعياتها على مستقبلهم.

في البداية يقول الدكتور يوسف تمان إن منطقة الشرق الأوسط تمرّ حالياً بحالة من التضليل، بعضه مقصود وبعضه الآخر نابع عن تنبُّؤات خطيرة جداً، وأن هذا الأمر ينطبق على معظم دول المنطقة خاصة مصر -التي يصفها بالجارة الكبرى لإسرائيل- والتي مرّت بتحوّل سياسي عظيم سيتمّ استشعار نتائجه قريباً.

ويرى تمان أن ما تشهده منطقة الشرق الأوسط حالياً يختلف تماماً عما حدث في أوروبا من ثورات خلال القرن الثامن عشر الميلادي، وهو شخصياً يختلف مع أنصار الديمقراطية والمساواة بين الشعوب؛ حيث يزعم أنهم يرتكبون حالياً خطأ شديد الخطورة، من خلال طرح الأيديولوجية التي تقول إن ربيع الشعوب حلّت نسائمه على الوطن العربي، وهي الإيديولوجية التي يدّعي أنها ليس لها أي أساس من الصحة، ويُعلّل على كلامه بأن الديمقراطية الضاربة بجذورها في الوعي الشعبي الأوروبي لم تظهر في يوم وليلة، بل تبلورت عَبْر مسيرة متواصلة وعبر أجيال متتالية، وتلطّخت أحياناً بالدم والعنف حتى لدى الدول ذات الباع الطويل من الثقافة؛ فلا يمكن مثلاً أن ننسى الثورة الفرنسية التي مرّت بتقلّبات عديدة، وكانت المقاصل تعمل لساعات طويلة وكبار رجالات الثورة تحوّلوا في النهاية إلى ضحايا وتمّ قتلهم، كما مرّت روسيا القيصرية بإجراء مشابه خلال ثورة أكتوبر 1917 م، عندما بدأت بشكل فعلي في أوديسا في عام 1905م من خلال تمرّد سفينة البوتيومكين، وبعدها صعدت حكومات ثم سقطت، مثل حكومة كرنسكي التي تمّ انتخابها بشكل ديمقراطي، ثم سقطت سريعاً عقب تحريضات لينين، وكل ما حدث لاحقاً معروف لدى الجميع؛ حيث قام نظام فاسد مستبد ارتكب مجازر شعبية وجوع الملايين من شعبه وتطلّع إلى فرض الديكتاتورية الشيوعية في الدول المجاورة التي تحوّلت إلى دول تابعة في أسوأ محور شر عرفه التاريخ... وغير ذلك الكثير من الأمثلة والنماذج، لذا يدّعي المحلل الإسرائيلي أنه يكفي أن نخرج كتب التاريخ ونقرأها لنتأكّد أنه لم ولن تحدث معجزة هنا في الشرق الأوسط؛ فهو يزعم أن الدول العربية القريبة من إسرائيل لن تتحوّل إلى دول ديمقراطية في يوم وليلة، وحتى إذا حدث بها تحوّل فإن هذا الإجراء سيستغرق سنوات طويلة، وهو يشك في أن هذا الأمر سيحدث حقاً؛ حيث يزعم أن الثيوقراطية والهيمنة الدينية الإسلامية لن تسمح بذلك.

ومن وجهة نظره فإنه لا يوجد فرق كبير بين الراديكالية الدينية وبين الإلحاد المطلق، مثلما كان الحال عليه في النموذج السوفيتي الذي سقط لحُسن حظ إسرائيل، ويضيف أن النموذج الكوبي لا يزال قائماً لكنه أقلّ بروزاً؛ لأنه بالطبع لا يُمثّل الحل الأمثل؛ فحقوق الإنسان هناك تداس بالأقدام، والفقر والدعارة منتشران بصورة كبيرة.

وهنا يقول المحلل الإسرائيلي إنه لا يفهم سبب التزييف الغربي، خاصة مِن قِبل الولايات المتحدة الأمريكية التي تُعدّ الحليف الأكبر لإسرائيل. ويضيف أنه يشك في أن يكون ما يجري في الشرق الأوسط يتعلّق باستراتيجية سياسية وأجندة واضحة، أو أن يكون عبارة عن تصفية حسابات شخصية مع بعض رؤساء الأنظمة العربية، كما يطرح احتمالاً ثالثاً يرى أنه الأخطر في حد ذاته؛ ويتمثّل في وجود حالة من الارتباك الشامل لدى إدارة أوباما، جعلتهم في حالة من عدم الإدراك التام للأحداث الدرامية الناشبة بشكل متسارع في الدول العربية.

هذا ويرى تمان أن الضغط الأمريكي غير المفهوم الذي مُورِس على مبارك لكي يتنحّى والذي نجح في نهاية الأمر، يتناقض تماماً مع ما يحدث مع سوريا حالياً؛ حيث تتغاضى إدارة أوباما عما يحدث هناك من مجازر ترتكب بشكل يومي، وتغضّ الطرف عن قصف المدفعية والدبابات للمتظاهرين، رغم أن هذا الفعل يُعدّ عملاً بربرياً يُرتكب ضد أشخاص غير مسلّحين، ولا يختلف كثيراً عما يجري في ليبيا.

ويستكمل المحلل الإسرائيلي كلامه مشيراً إلى أن مبارك لم يكن من الصّديقين، وبالطبع لم يكن من أحباء صهيون، ولكن لا يمكن تجاهل الواقع الذي أرساه طوال حكمه، والذي أفاد إسرائيل بالطبع، والمتمثّل في النقاط التالية:

• طوال حكم مبارك الذي استمرّ ثلاثين عاماً، لم تُطلق رصاصة واحدة على الحدود المصرية - الإسرائيلية، وبالرغم من وقوع أحداث تراجيدية داخل سيناء، فإن مبارك لم يتردّد في العمل بصرامة للحيلولة دون وقوع المزيد من الأحداث، كما أنه عمل على قمع الإخوان المسلمين، ولم يمنحهم الفرصة لإنشاء حزب يخوضون به الانتخابات البرلمانية، وهنا يُؤكّد الكاتب أنه لم يكن هناك سلام بين مصر وإسرائيل في عهد مبارك، لكن في الوقت نفسه لم تكن هناك حرب أيضا.

• اهتم مبارك بنفسه وبصورته، وبصفته فرعون حديث ربط مصر بشخصه، ورغم أن المصريين لم يكونوا راضين بشكل كبير عن أدائه، فإن الدولة شهدت هدوءا نسبياً، وأي محاولة للإضرار بحالة الهدوء هذه كانت تقابل برد فعل عنيف، يصل إلى حد انتهاك حقوق الإنسان، ومبارك فعل ذلك لأنه لم يكن غبياً، فقد كان يعلم جيداً أنه إذا تهاون أو تراخى قليلاً، فسوف تنفجر قنبلة الإسلاميين في وجهه وتسقطه هو ومعه مصر مثلما يحدث الآن أمام أعيننا، وتنتقل الدولة لأيدي المتشددين من أتباع الجهاد الإسلامي والقاعدة والإخوان المسلمين والشباب المشتت فكرياً الذين شاهدناهم في ميدان التحرير؛ وذلك بحسب زعم المحلل الإسرائيلي.

كل ما يحدث في مصر الآن هو نتاج لتصرّفات أوباما


يقول الدكتور يوسف تمان إن أوباما حرّض وشجّع في خطاباته على إسقاط نظام مبارك بدون أن يعلم ما هو البديل لذلك، ويبدو أن أوباما قد أفاق من سكرته قليلاً؛ لذا لا نجده يحرّض أحدا ضد بشار الأسد ولا يُطالب بإسقاطه. ويضيف أن التغيّرات السياسية اليومية التي تشهدها مصر لا تخدم المصالح الأمريكية، وبالطبع لا تصبّ في صالح سلامة وأمن إسرائيل، وجميع تلك التطوّرات نجدها تنفجر في وجه أوباما بشكل سريع.

وهنا يشير المحلل الإسرائيلي إلى أن إصرار أوباما على إسقاط نظام مبارك بأي ثمن ستدفع إسرائيل ثمنه غالياً؛ لأن الأصوات المتعالية في مصر مؤخراً غير مبشّرة بالنسبة للدولة العبرية؛ فمثلاً أظهرت نتائج أحدث استطلاع للرأي أجري في مصر أن 60% من المصريين أعربوا عن ضرورة إلغاء اتفاقية السلام الموقَّعة بين مصر وإسرائيل، بالإضافة إلى المطالبات برفع سعر بيع الغاز لإسرائيل. وهنا يزعم أنه ليس من الصحيح أن إسرائيل حصلت على الغاز المصري بسعر زهيد، بل ويدّعي أن بلاده دفعت ثمناً مضاعفاً للحصول على هذا الغاز مقارنة بالأردنيين. كما يرى أن التفجيرات التي تعرّض لها خط الغاز الموصل لإسرائيل في شمال سيناء هي عمليات مقصودة قام بها النظام المصري المؤقت الذي يُدير البلاد حالياً؛ وذلك لتحقيق هدفين هما:

أولاً : الضغط على إسرائيل.
ثانياً : إرضاء الرأي العام المصري، وتبشيرهم بأن مصر لن تُصدِّر مزيداً من الغاز للصهاينة.

الإخوان المسلمون

ينتقل بنا الكاتب الإسرائيلي إلى قضية الإخوان المسلمين في مصر من وجهة نظره بالطبع؛ حيث يزعم أن جماعة الإخوان كانت مسئولة عن العديد من العمليات الإرهابية التي استهدفت في السابق قطاع السياحة في مصر والمؤسسات الحكومية المصرية، ويضيف أن هدف الإخوان المسلمين حالياً هو هدف مُعلن وواضح يتمثَّل في إقامة نظام حكم ديني راديكالي يُشبه نظام المُلة في إيران، وأنه على الرغم من إعلان الإخوان المسلمين عدم الدفع بأي مرشّح من قِبلهم لتولّي منصب رئيس الوزراء أو رئيس الجمهورية، وأنهم يتطلّعون إلى إقامة دولة ديمقراطية علمانية مع بعض الميل إلى الدين، فإن هذه الادّعاءات باطلة من وجهة نظره؛ لأنها تتعارض مع أيديولوجية الجماعة، ويضيف أن الإخوان لم يُغيّروا استراتيجيتهم، ولكنهم غيّروا تكتيكهم بهدف السيطرة تدريجياً على مصر وجميع مؤسساتها.

أما بشأن علاقة إسرائيل بالرئيس المخلوع حسني مبارك، فيدّعي د. تمان أن إسرائيل خلال عصر مبارك غضت الطرف عن قيام مصر بخرق العديد من الاتفاقيات الموقَّعة بين البلدين؛ خاصة المناورات الموسعة التي كان يُجريها الجيش المصري، والتي كانت تتضمّن تدريباً على عبور القناة وإدخال قوات مصرية إلى سيناء، كما أن إسرائيل استجابت لطلب مبارك إدخال عدد من الكتائب إلى عمق سيناء للسيطرة على الأوضاع هناك.

ويدّعي المحلل الإسرائيلي أن حكومة إسرائيل أقدمت على فعل ذلك، وتحمّلت المخاطر المترتّبة على ذلك استناداً على الافتراضات التالية:

-الافتراض الأول: أن إسرائيل في مقدورها دائماً مواجهة أي تهديد.

-الافتراض الثاني: أن نظام مبارك يُعدّ نظاماً مستقراً، وأنه لن يتم استخدام القوات المصرية لشنّ أي هجوم على إسرائيل في المستقبل القريب.

ويقول الدكتور تمان إنه على الرغم من قيام مبارك بتعزيز قوة الجيش المصري، فإن الصحافة الإسرائيلية لم تتطرّق إلى هذه القضية كثيراً؛ بسبب ضغوط الرقابة العسكرية الإسرائيلية، وللرغبة في عدم إحراج الرئيس المصري السابق حسني مبارك.

كما يدّعي الكاتب الإسرائيلي أن الجهازَيْن السياسي والعسكري الإسرائيليين كانا على عِلم بجميع تلك الأمور التي تقوم بها مصر، ولكن رغم ذلك لم يُصدر عنهما أي رد فعل نتيجة لاعتبارات سياسية عليا.

وهنا يتساءل: هل إسرائيل أخطأت عندما فعلت ذلك؟ ويُجيب على نفسه مؤكّداً أنها بالفعل قد أخطأت؛ لأنها وجدت نفسها الآن مضطرة لمواجهة جيش مصري مدرّب جيداً ومسلّح جيداً، ويمتلك قوات داخل سيناء، ولكن الكاتب يلتمس العذر لتل أبيب لأنه على مدار الثلاثين عاماً التي تولّى خلالها مبارك حُكم مصر، كانت تجمعه بإسرائيل مصلحة مشتركة تتمثّل في ضرورة التعاون فيما بينهما للقضاء على تهديدات المد الإسلامي المتشدّد، وهو التعاون الذي استمرّ حتى يوم سقوط مبارك.

وفي النهاية يقول الدكتور يوسف تمان إن مصر حالياً تشهد وضعاً جديداً، ويرى أن إسرائيل تواجه خطرا واضحا يتمثِّل في احتمالية قيام نظام ديني في مصر يكون كارهاً لإسرائيل، ويقوم بمحاربتها سياسياً وإعلامياً، ولن يتردّد في خرق الاتفاقيات الموقَّعة والشفهية بين البلدين.

والسؤال الأخطر المطروح على الساحة حالياً هو: هل من الممكن أن تُؤدَّي العلاقات المتدهورة بين مصر وإسرائيل إلى جر الطرفين إلى صراع عسكري مسلّح؟

وإجابة هذا السؤال -حسب ما قاله المحلل الإسرائيلي- هي بالقطع نعم؛ حيث يعتقد أن هذا الصراع لن يقع قبل سبتمبر القادم -موعد إجراء الانتخابات التشريعية في مصر- ولا فور انتهائها أيضا، لكنه يتوقّع أن تقع هذه الحرب بين مصر وإسرائيل في مستهل عام 2012 م.